الموقع الرسمي لمحاور المشاهير عدنان الكاتب

من نيوم NEOM رائدة الأعمال الشابة السعودية دانيا سندي توجه رسالة للشابات والشباب:

منذ أن اختارت الشابة السعودية دانيا سندي دراسة العلوم الطبية الحيوية، كان همّها عافية الإنسان بل الإنسانية جمعاء. فالشمولية التي تنبض بدقات قلبها تسمو فوق حدود الأنا الذي يفقد معنى وجوده دون الآخر.. هذا المزيج الرائع الذي تتميز به شخصيتها هو عصارة تربية والدَين عرفا تماما كيف يوجّهان ابنتهما الطموحة والمجتهدة من جهة أولى، ومسيرة بحث أخذتها حول العالم وعادت بها إلى وطنها الأم، حيث أطلقت شركة “ماتشي تي” MaChii Tea الخاصة بمنتجات فاخرة من الشاي الصحي.. رحلة دانيا ما زالت في بدايتها، لكن النجاح يبقى عنوانها الأكيد، طالما أن هذه الشابة الملهمة تتّكل على جناحين لتحلّق بهما عاليا: جناح الثقة المبنية على المجهود الشخصي الذي يكاد لا يتعب ولا يكل، وجناح الصبر الذي يواجه المشقّات والصعوبات ويعرف تماما كيف ينهض من جديد مع كل شروق شمس.

حوار: عدنان الكاتب Adnan AlKateb

بداية كيف تصفين نفسك؟ وكيف تحبين تقديم نفسك للقارئات؟

انطلقت حياتي المهنية مع بداية غير تقليدية، بين عالمي اليوغا وريادة الأعمال.

حصلت على شهادة في العلوم الطبية الحيوية في لندن، وهو ما طوّر اهتمامي بطبيعة جسم الإنسان. ثم أكملت دورات في علم حركة الجسم، والتغذية، وطب الأعشاب، واليوغا. عند عودتي إلى المملكة العربية السعودية، عملت لفترة وجيزة في مجال الخدمات المصرفية، لكنني سرعان ما أدركت أن هدفي الحقيقي يكمن في شغفي بالعافية الشاملة.

بعد ملاحظة الفجوات في السوق لخلطات الشاي الفاخرة المتخصصة، تسلحت بالإيمان والثقة وعملت على مشروعي الريادي الأول عبر تأسيس “ماتشي تي” MaChii Tea، وهي علامة متخصصة في أنواع الشاي الفاخرة والمعززة للعافية. وكرست نفسي بالكامل لبناء علامتي التجارية، وسافرت حول العالم بهدف إثراء معرفتي بالجوانب المختلفة لاتصال العقل بالجسم.

اكتشفت اليوغا في رحلة إلى اليابان عام 2015، ومنذ ذلك الحين لم أدع يوما يمر دون أن أمارسها. أدركت أن شغفي باليوغا وحبي للشاي يسيران جنبا إلى جنب، وواصلت تطوير حياتي المهنية كمدربة يوغا. أكملت تدريبي في جزيرة بالي، مع التركيز بشكل أساسي على علم اليوغا الفيزيائية، بما في ذلك التنقلية والحركية.

أعتقد أن مفتاح نمط الحياة الصحي يكمن في اتباع نهج شامل للعافية، من خلال التركيز على الجسم والعقل في الوقت نفسه.

ماذا عن دراستك واختصاصك؟

تخصصت في العلوم الطبية الحيوية في كلية لندن الجامعية UCL، وركزت دراستي على جسم الإنسان، من جوانب عدّة مثل الميكانيكا الحيوية، وحركية الإنسان (علم حركات الجسم)، والتغذية، والوراثيات، والبيولوجيا العصبية، والتنمية البشرية، وغيرها الكثير. وشاركت في دورات كثيرة بعد ذلك لتطوير معرفتي حول التغذية، والعلوم الرياضية، والمحاسبة المالية، وطب الأعشاب، والإنتاج الموسيقي. كانت معظم هذه الدورات عبر الإنترنت مع جامعات متعددة.

رحلتي مع اليوغا بدأت في جزيرة بالي، ثم تابعت تعلم اليوغا في لندن مع معلمي الذي سأبقى دوما ممتنة جدا له.

هجرت العمل المصرفي لتمارسي الكثير من النشاطات والأعمال الإدارية والتجارية. لماذا، وما أحب تلك الأعمال إلى قلبك؟

سأتحدث عن كلمة واحدة: “إيكيغاي” Ikigai. وهو مفهوم ياباني يعني سبب وجودك وهدفك في الحياة، أي سر سعادتك. الإيكيغاي الخاص بك هو التوازن بين هذه الأمور الأربعة: ما تحب، وما الذي تجيده، وما يمكنك كسب المال منه، وما يحتاجه العالم. الأمر شخصي جدا، فلا توجد إجابة صحيحة أو خاطئة.

لا أعتقد أن الخدمات المصرفية سمحت لي شخصيا بالوصول إلى الإيكيغاي الخاص بي. فلم أشعر مع تلك المهنة بالحماس والاندفاع. لا تفهموني خطأ، أنا ممتنة للغاية لأني تعلمت الكثير من الدروس التي سمحت لي ببدء عملي الخاص، ومنها الثقافة المالية، وهذا أمر أساسي ليبدأ المرء عمله الخاص. كما علمتني الخدمات المصرفية قيمة جمع البيانات وتحليلها.

أنا بالتأكيد أستمتع أكثر بامتلاك عملي الخاص، لكن لديه سلبيات أيضا مقارنة بالحصول على وظيفة من التاسعة إلى السادسة. ففي العمل الحر لا يمكن فعليا التوقف عن العمل، فهو صنيعتك واسمك واستثمارك وحياتك. لا يوجد شيء اسمه عطلة نهاية الأسبوع أو عطلة، خاصة في بداية المشروع. والأمر الثاني هو التقلب. فالعمل في بيئة منظمة مثل البنك كان يعني الاستقرار. والعمل على مشروع خاص مثل “ماتشي تي” فيه نقاط إيجابية وأخرى سلبية، لكن أهم النقاط الإيجابية تساوي تماما أسوأ النقاط السلبية.

أعتقد أن ما أفعله الآن مع “ماتشي تي” واليوغا يندرج تحت الإيكيغاي الخاص بي، فأنا أعمل فيما أحبه وأجيده وأحصل على مال مقابل ذلك. ومع الشاي أبذل قصارى جهدي لرد الجميل إلى العالم، وذلك بعدم المساومة على المسؤولية الأخلاقية فيما يتعلق بمصادر الشاي، وبالتركيز بشكل كبير على الاستدامة والبيئة. وأحب أيضا رؤية تلك الابتسامة على وجه شخص ما مباشرة بعد حصة اليوغا، فهذا أمر يثلج صدري.

ما رسالتك التي توجهينها عن كل مهنة أو عمل أو هواية إلى المجتمع السعودي عموما والمرأة خصوصا؟

رسالتي هي ألا تحلمي بالنجاح بل اعملي من أجله. وهناك جزءان صعبان، الأول هو البداية، والثاني هو الصبر. وسأعطي بعض الأمثلة على ذلك في حياتي الشخصية:

  • اليوغا، تمارين الجمباز، الجمنازيوم: أضع لنفسي أهدافا أرغب في تحقيقها، وأنا أعلم أن الطريقة الوحيدة التي يمكنني بها تحقيقها هي بالعمل الجاد. أحيانا تخيفني الأهداف (عندما بدأت تعلم الوقوف على اليدين بالطبع كنت أخاف من السقوط: وبالفعل سقطت عدة مرات إلى أن تعلمت في النهاية).

لا بأس بالسقوط. في بعض الأحيان يستغرق تحقيق الأهداف وقتا طويلا، لأن القوة والمرونة لا يمكن بلوغهما بين ليلة وضحاها. أحب تحديد الأهداف لأنه لا توجد طريقة للغش، فإما أن أعمل بجد وأحصل على مرادي، وإما لا أعمل بجد ولا أصل.

  • العمل في المصرف: أثبت لي أنني أستطيع أن أتعلم أي شيء إذا عقدت العزم على التعلم. لقد درست شيئا غير ذي صلة، وكان علي أن أتعلم بسرعة.
  • إنشاء شركة متخصصة بالشاي: هنا كان الجزء الأصعب هو الجزء الأول، أي القفز في المجهول، والإيمان بأنني أستطيع فعل ذلك وبشكل جيد.

وما الرسالة التي تودين توجيهها للفتيات والسيدات السعوديات الباحثات عن النجاح؟

يجب أن تكون رغبتكنّ في النجاح أكبر من خوفكنّ من الفشل، لذا عليكنّ إجراء القفزة. اقفزن إلى عالم المجهول. عندما أشعر بالضعف، أسأل نفسي دائما هل كان تركي وظيفتي الثابتة أمرا جيدا؟ والإجابة بالنسبة لي هي دائما نعم. لماذا؟ أقول دائما إن الإنسان يفعل الشيء الصحيح إذا كانت أقصى الإيجابيات يوازي أقصى السلبيات. الجميع يمر بأيام صعبة، هذه هي الحياة. ولكن هل يستحق ما نفعله كل هذا العناء؟ إذا كانت الإجابة بنعم، نكون على الطريق الصحيح.

وماذا عن اليوغا، وتأثيرها في حياتك؟ وهل يتقبلها المجتمع بسهولة؟ ومن ينظر إليها بإيجابية أكثر الرجال أم النساء، والجيل الشاب أم الأكبر سنا؟

أود أولا أن أقول إنني لا أعتبر اليوغا رياضة، بل أسلوب حياة يتضمن ممارسة جسدية وعقلية، وصلة بين العقل والجسم.

أنا لا أمارس “اليوغا التقليدية”، بل أحب أن أضيف إليها لمستي الخاصة، منطلقة من خلفيتي في مجال الطب الحيوي وعلوم الرياضة. من منظور أسانا (جسديّ)، أود أن أضيف عنصرَي القوة والحركة إلى ممارستي، لأنني أعتقد أن الحياة تدور حول “تشي” (التوازن). فليس مثاليا أن تكون مرنا للغاية دون أن تكون لديك القدرة على التحكم في عضلاتك، وليس مثاليا أن تكون قويا جدا وغير متحرّك. أجد أن المزج بين تمارين القوة والمرونة والحركة يمنحني التوازن المثالي. إضافة إلى اليوغا، أمارس أيضا تمارين رفع الأثقال والجمباز.

من منظور ذهني، أعتقد أن اليوغا تعلم المرء أن يعيش كلّيا في اللحظة. هناك مقولة مفادها أن العيش في الماضي هو حالة اكتئاب، والعيش في المستقبل هو حالة من القلق، والعيش في الحاضر هو هبة الحياة، وأنا أتفق مع ذلك. أنا لا أقول إنه يجب تجاهل الماضي، لأن التجارب السابقة هي فصول دراسية، أو أنه لا ينبغي أن يكون لدى الإنسان تطلعات وأحلام وأهداف مستقبلية، لكن التركيز على ما هو موجود الآن هو بالتأكيد نعمة.

وبشأن المجتمع، أعتقد أن اليوغا مقبولة، خاصة على المستوى البدني. ومع ذلك، لا أعتقد أن الناس يعرفون ما يكفي عن الجانب الذهني أو الجمال الذي تقدمه اليوغا. وأنا أعرف رجالا ونساء من جميع الأعمار مهتمين بتجربتها.

من الأشخاص الأكثر تأثيرا في حياتك؟

والداي. علمني والداي دروسا في الحياة لا يمكن أبدا تعلمها من كتاب مدرسي، من القِيم إلى الحب إلى العمل. من منظور الأعمال، علمني والدي أهمية الثقافة المالية؛ بينما علمتني والدتي أن العمل هو الحياة، والحياة أقصر من أن تكره عملك. التوازن بين العمل والحياة يشكل تحديا للكثير من الناس، وخاصة رواد الأعمال الشباب. عندما تكون شغوفا بما تفعله، وعندما تركز على السعادة، لا يبقى العمل مجرد شيء تفعله لتمويل حياتك الحقيقية؛ بل يصبح أكثر متعة وذا مغزى ويقلل من احتمال إصابتك بالإجهاد. درس آخر علمني إياه والداي هو الإقدام. إن التخطيط الجدّي ووضع الاستراتيجيات ودراسة كل الخيارات لها أدوار مهمة في العمل، لكن التخطيط المفرط يخنق النمو. يقولان لي دائما “أن تفعلي شيئا غير كامل أفضل من عدم فعل أي شيء بتاتا”، وهو ما ساعدني حقا في هذه القفزة. أكبر مصدر إلهام لي أمي، التي علمتني أن أبقى مركزة على الهدف، بغض النظر عن العقبات التي تعترض طريقي. طريقة التفكير هذه مهدت طريق حياتي بشكل كبير. لقد علمتني والدتي قيمة الصبر (التي ما زلت أتعلمها).

بصفتك شابة سعودية ماذا تريدين للمرأة السعودية؟

أريد لها أن تغامر وتقفز بإيمان. لا بأس بعدم النجاح. من الأقوال المفضلة لدي، “أسقط سبع مرات وانهض ثماني مرات”. وأود أن أشير هنا إلى أنني أرى تغييرا كبيرا في حياتها. وأكبر تغيير أراه هو الثقة، وفي النهاية، الثقة هي المفتاح لبدء أي شيء. أعتقد حقا أنه عندما يؤمن المرء بنفسه يكون العالم محارته.

ما أحلامك؟

ليس لدي أحلام، لدي أهداف.. في العمل هدفي أن أرى الشاي الخاص بي في كل مطعم راقٍ، فندق، شركة طيران، مكتب، مقهى، أي مكان. كما أنني أضع لنفسي أهدافا بدنية كل ثلاثة أشهر، لأن لليوغا وتمارين الجمباز جزءا كبيرا من حياتي اليومية وسعادتي.

أين ترين جمال المرأة؟

أعتقد أن الجمال الحقيقي يأتي من الذات، ومن الخيارات التي تتخذها المرأة وكيف تتعامل مع الآخرين. يمكنك أن ترى جمال الإنسان في عينيه. أؤمن بأن العيون هي نافذة القلب والروح. أرى الجمال على أنه فعل أكثر من كونه اسما ووصفا.

أخيرا.. ما مواصفات شريك المستقبل؟

هناك ثلاثة أمور تهمني. قيمنا يجب أن تكون متوافقة. والكيمياء بيننا يجب أن تكون متوافرة، وهذا أمر لا يمكن افتعاله أو التظاهر به، فإما يكون موجودا أو لا. والقدرة على التنازل ضرورية، بل أعتقد أنها مفتاح العلاقة الناجحة

 

التعليقات مغلقة.