الموقع الرسمي لمحاور المشاهير عدنان الكاتب

محاور المشاهير عدنان الكاتب يحاور هالة خياط مديرة دار كريستيز

 

حوار: عدنان الكاتب Adnan alkateb

من يعرف هالة خياط عن قرب ويتابع نشاطاتها في خدمة الفن العربي والعالمي سيتأكد أنها ليست مهتمة كثيرا بالألقاب والمناصب، فهي ليست نجمة في عالم الفنون فقط، بل نجمة علاقات عامة قدمت خدمات كثيرة لدار كريستيز، باعتبارها مديرة المزادات والمدير المشارك لدى هذه الدار العريقة في دبي،وهي أيضا فنانة تمتلك ذوقا رفيعا وخبرة كبيرة في عالم يتوه فيه الكثيرون حتى أولئك الذين يعملون في هذا المجال منذ سنوات، وبالإضافة إلى كل ذلك هي سيدة في قمة التواضع والرقي.. دمشقية، سورية، عربية، تخرجت في كلية الفنون الجميلة قسم الاتصالات البصرية في دمشق، وتحمل ماجستير دراسات التصميم من الجامعة العريقة “سنترال سانت مارتين” في لندن.

حدثينا عن طبيعة عملك في دار “كريستيز”؟

عملي في دار كريستيز هو، رغم تبدل الألقاب، في صلبه أخصائية في الفن العربي والإيراني والتركي الحديث والمعاصر ومعناه أني متعمقة بفنون هذه المنطقة الجغرافية التي يتراوح عمرها من مئة عام حتى يومنا الحالي.. الدار قدمت لي المكان والمناخ الملائم لأتعمق في موضوع أنا شغوفة به، وطبعاً استفدت من مكاني برؤية آلاف اللوحات والأعمال التشكيلية، واغتنيت بصرياً وقدمت لهم معرفتي بالمنطقة واللغة وفهم الفنانين وصراعاتهم وآلامهم وآمالهم من دراستي وتعمقي في هذا الأمر.

من خلال تجربتك.. ما الفرق بين طبيعة العمل في مؤسسات عالمية، وبين العمل في مؤسسات محلية وعربية تسعى للعالمية؟

العمل في مؤسسة عالمية يفتح الأفق على نظم عمرها مثلاً في دار كريستيز 250 عام حيث تحتفل الدار هذا العام بالذكرى المئتين وخمسين على تأسيسها (تأسست في عام 1766). ويوجد آلية عمل معينة تعمل في كافة فروع الدار من الشرق إلى الغرب، ونحن هنا جزء منها.أما العمل في مؤسسات محلية وعربية تسعى نحول العالمية فهو أصعب لأنه تحدٍ كبير يتطلب المزيد من المثابرة والجهد. علماً أن نظرتي لدار كريستيز في دبي تحديداً هي نظرة لآلية جديدة لأن منطقة الخليج جديدة على دار كريستيز ونتواجد في دبي فقط منذ عام 2006.

ما الفرق بين مزادات دار “كريستيز”التي تقام في بلادنا العربية وتلك التي تقام في العواصم العالمية، وهل تجذب الوجوه نفسها؟

آلية التحضير والقيام بالمزاد نفسها، ولكن في دبي نظراً لقلة هذه المزادات يأخذ الأمر طابعاً احتفاليامهمايحضر إليه المقتنون من المنطقة العربية ليبقو معنا مدة العرض والمزاد والتي تستمر من ثلاثة إلى خمسة أيام. وبدأنا نلحظ اهتمام الغرب والمقتني الغربي باللوحة العربية منذ البدايات وهذا العدد في ازدياد مستمر.

المعروف أن العمل في الفنون واللوحات والقطع العالمية يتطلب الدقة والتنظيم أولا، وفي أحيان كثيرة يسبب أي خطأ أو هفوة (مهما كان صغيرا) إحراجا للمؤسسة أو العاملين فيها.. هل وقعتم بمثل هذا الخطأ أو تسببت أي هفوة إحراجا لكم أو لأي من ضيوفكم.. وكيف تعاملتم معها؟

نحن نقدم مزادين في العام، أي نعمل أحياناً ستة أشهر من أجل تقديم 100 لوحة للمزاد، ضمن هذا الوقت أقوم أنا وفريق عملي من الأخصائيين الفنيين بدراسة العمل والمقدم ودراسة كافة أعمال هذا الفنان ومقارنته والبحث في الكتب والمقالات المكتوبة وسؤال المؤرخين المعروفين أو الباحثين والكتاب المعترف بهم في الوسط لكي لا نقع بأي خطأ.إن دار كريستيز تضمن الأعمال المباعة في مزاداتها لمدة خمس سنوات بما معناه أن العمل مضمون من كونه مزور، وضمن هذه المدة إن تقدم أحدهم بتقرير أو بحث مغاير فإن الدار طبعاً تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادته أو لمعرفة الحقيقة ضمن الطرق القانونية، والحمد لله خلال العشر سنوات من وجودنا في دبي لم نتعرض لمثل هذه القضايا.ولكن بالطبع لا يخلو الأمر أحياناً من حادث يحدث إذا تم الشحن عن طريق شركات غير معتمدة لدى الدار، فحدث أن تكسر لوح زجاجي أو قاعدة ما. ولكن كانت أمور محلولة لم تؤثر في العمل الفني.

ما هي أجمل وأندر القطع التي أثارت الكثير من اهتمامك خلال رحلتك مع هذه الدر العالمية العريقة.. حدثينا بالتفصيل عن بعض القطع وأسرارها وتفاصيل عنها قد لا يعلمها البعض؟

يتضمن مزاد كريستيز المقبل لوحتين استثنائيتين للفنان التشكيلي المصري محمود سعيد (1897-1964)، واللوحتان مأخوذتان مباشرة من تركته الإبداعية التي آلت إلى عهدة أسرته. أحدى اللوحتين هي «السمراء ذات الأساور»، رسمها عام 1926 وتتغنى بجمال الفتاة المصرية. ومحمود سعيد هو رائد الحركة التشكيلية المصرية في العصر الحديث وهو صاحب العمل الفني العربي الأغلى ثمناً في تاريخ مزادات كريستيز في دبي حيث بيعت لوحته “الدراويش” بقيمة 9 ملايين و350 ألف درهم إماراتي (2.546 مليون أمريكي). وأنوه هنا أن لوحات محمود سعيد ضمن 122 عملاً فنياً فريداً تقدمها كريستيز في مزادها القادم في دبي ستقدم في معرض مفتوح للجمهور مجاناً لمدة ثلاثة أيام في فندق أبراج الإمارات في قاعة جودولفين من 18 حتى 20 أكتوبر.

يكاد لا يخلو أي مزاد من مزادات كريستيز في دبي من مجموعة من أهم الأعمال الفنية ذات الجودة المتحفية والتي يتهافت عليها المقتنون نظراً لما تمثله من تاريخ وجمالية قل نظيرها، ومن أشهر الفنانين العرب والإيرانيين والأتراك فاتح المدرس ولؤي كيالي وشفيق عبود وبولغيراغوسيان وبرويز تنافولي وفرهاد موشيري وغيرهم، ناهيك عن المجموعات الخاصة النادرة مثل مجموعة مقتنيات الدكتور محمد سعيد فارسي، ومجموعة معاذ الألوسي، ومجموعة مقتنيات دبّاس.

ما المصاعب التي واجهتها في مشوارك عمليا واجتماعيا، وما مدى الدعم الأسري لمسيرتك، وأين ترين المحطات الرئيسية في حياتك على المستوى الشخصي، والعلمي، والعملي؟

أنا أم وامرأة عاملة وأشعر بالاطمئنان،ولولا دعم زوجي وعائلتي (والدتي وإخواني) لما استطعت تحقيق هذا النجاح في عملي.

من المحطات الرئيسية في حياتي طبعاً تخرجي وزواجي وأمومتي وثم انضمامي لكريستيز أخصائية ومن ثم مديرة في الدار، وطبعاً اطلاق محاضرات كريستيز التعليمية Christie’s Education، وأخيراً محاضراتي في موضوع الفن التشكيلي العربي في الكثير من البلدان.

كشابة عربية تعمل في مؤسسة عالمية.. كيف ينظر الأجانب إليك.. وما الدور الذي تقومين به لخدمة بلادك؟

أنا فخورة جدا بعروبتي، وأصر على هويتي العربية، وأكسب احترام الجميع من مبدأ (يلي ماله قديم ماله جديد). ونحن عندنا تاريخ وثقافة صدرناها إلى العالم الغربي، يجب أن لا ننسى ذلك.أخدم بلدي كل مرة أستطيع أن أرفع اسم فنان سوري إلى المنصة العالمية.

كيف ينظر الرجل العربي والمرأة العربية إلى عملك في هذا المجال النادر وكيف يتعاملون معك وهل يثقون برأيك واختياراتك؟

أظن أن الإنسان الجدّي العامل يكسب احترام الآخرين له دون النظر إلى جنسه. أنا أفرض نفسي في هذه الساحة من معرفتي وعملي وطريقة تقديمي واحترامي لذاتي. والإنسان يجب أن يكسب نفسه أولاً (ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه)، ولم أواجه ولا مرة مشكلة لمجرد كوني امرأة.

وكيف تنظرين إلى تجربة عمل المرأة العربية في المنظمات والمؤسسات العالمية التي توسعت أخيرا وبدأت تأخذ أشكالا متعددة، ومن هن برأيك الأبرز في هذا المجال؟

أنا معجبة كثيراً بكل النساء العاملات وفي كافة المجالات وأحترم هذا الكائن العاطفي الذي يبرهن كل يوم عن جديته وصلابته في تحمل الشدائد واقتحام عالم الرجال. بلدي كانت سبّاقة في المنطقة العربية باعطاء المرأة مكانتها في المجتمع ولدينا من الباحثات والكاتبات والممثلات والطبيبات والشاعرات أعداد كبيرة ومميزة، لذلك أنا لم أنبت بعيدة عن الجذور. تسلح المرأة بالعلم مهم جداً وأيضاً برجل يؤمن بدورها ويدعمها.

هل من رسالة تودين توجيهاها أو نصائح للمرأة الباحثة عن النجاح؟

أنصح المرأة العاملة والناجحة بالتواضع وعدم التكبر والعمل الدؤوب لتتخطى نفسها كل يوم، وأن لا ترتاح في مكان آمن بل تخوض حربها كل يوم بابتسامة وعزم.وأنصحها أن تخصص الجزء الأكبر لمن تحب لأن المرء لا يعيش مرتين.

من هم الأشخاص الأكثر تأثيرا في حياتك وماذا أخذت من الوالد والوالدة والإخوة، وكيف كان تأثيرهم المباشر على تربيتك..

والدي رحمه الله، إنسان قبل كل شيء ومحب للفن، زرع لدي تقدير الأشياء الجميلة من عمر صغير، أخذني إلى المعارض والمتاحف وحثني على العمل، وأمي هي صخرتي التي أستند إليها، ولولاها لم أكن ما أنا عليه. أطال الله لي في عمرها وأمدها بالصحة.

وأنا أؤمن بأن حب العائلة مهم جداً في تكوين الأشخاص المميزين. وليس بالضرورة أن تكون فقط العائلة حقيقة بل يمكن للإنسان أن يكون لديه أصدقاء حقيقيين يكونون بمثابة الأخوة. أحب أهلي وزوجي وأخوتي الاثنين ونحن جداً متماسكين.

وأذكر طفولتي بفرج واطمئنان وامتنان، لأني كبرت وترعرعت في كنف منزل محب ومنفتح ومتقبل للآخر في ظل أمان واستقرار في بلدي سورية، وأتمنى أن يعم السلام فيه من جديد.

أين ترين جمال المرأة؟وقوة الرجل؟

جمال المرأة في احترامها لذاتها وخير الأمور أوسطها. وقوة الرجل في عطفه وصمته.

ما هواياتك واهتماماتك الشخصية؟وأمنياتك وأحلامك؟

عندما يتسنى لي الوقت، أحب القراءة والموسيقى والسينما. وأتمنى أن يكون لكل عربي وعربية الوعي الثقافي لتقدير أهمية الفن في تطور الأمم والعمل على تطوير الناحية الثقافية من مسرح وسينما ومتاحف ودور عرض ومراسم  للفنانين وترسيخ أهمية هذا الاتجاه لدى الأطفال. الفن لغة عالمية وأتمنى أن يصبح في المنطقة قريباً سياحة ثقافية إن أنها مفقودة.

التعليقات مغلقة.