فندق “بولغري” باريس الجميل مختلف بفخامته الأصيلة وأناقته الإيطالية وهو بديل للفنادق الكلاسيكية الرائعة
لن أنسى كم استمتعت وسررت بتجربة فندق بولغاري لندن، حيث كانت الأجنحة كلها محجوزة دوما منذ اليوم الأول لافتتاح الفندق. وأتمنى اليوم أن أحقق نجاحا شبيها في باريس
- بدأنا حقا من الصفر، غير أننا حافظنا على هيكل المبنى الأصلي
- الجائحة أربكت الكل وسببت فوضى عامة، فضلا عن التأخير في البناء وسلسلة توريد المفروشات وكل المراحل الأخرى، لكننا في النهاية نجحنا في التعويض عن كل التأخير
- دخلنا الآن عاصمة أوروبية جديدة حيث المنافسة شرسة
انتعش المثلث الذهبي في مدينة باريس بواحة جديدة من الراحة القصوى والفخامة المطلقة، حين افتتحت دار المجوهرات الإيطالية “بولغري”Bulgari أحدث فنادقها على جادة “جورج الخامس” الأيقونية. حاملة إلى عاصمة الأناقة أسلوبها الإيطالي الجريء، تنقل دار “بولغري” رؤيتها الإبداعية الفريدة من عالم المجوهرات الفاخرة إلى عالم الضيافة الراقية، في عنوان يحتفي ديكوره بالثقافتين الفرنسية والإيطالية من خلال مفروشات وأعمال حرفية إيطالية، وقطع زخرفية متجذرة في تاريخ الفنون الفرنسية.. وكأنه قطعة مجوهرات فاخرة، أعادت “بولغري” صياغة مساحات هذا المبنى العائد إلى السبعينيات، بحرفية استثنائية ومواد نفيسة نادرة. وتقدّم فيه اليوم خدمتها الممتازة مع فريق محترف ولطيف ينتبه إلى أدق التفاصيل للحرص على توفير الراحة التامة لكل ضيف، وسط ترف خالص.
حوار: عدنان الكاتب Adnan AlKateb
أعتز بأنني كنت من أوائل من زاروا هذا الفندق الرائع “بولغري” الباريسي، وعيش تجربة الأناقة الإيطالية في قلب باريس المتألق، كما أعتز أنني التقيت هناك وحاورت الصديق العزيز “سيلفان إركولي” Sylvain Ercoli المدير العام للفندق الذي بدأت صداقتي معه منذ لقائنا الأول عندما حاورته سابقا حين كان مديرا لفندق “بولغري” في لندن.
“سيلفان” الذي درس في كلية إدارة الفنادق في جامعة “كورنيل”، أشرف خلال مسيرته المهنية على إدارة بعض أفخم فنادق باريس الأيقونية إلى جانب فنادق فخمة في مدن عالمية مختلفة. ويحدثنا في هذا الحوار الصريح عن قصة فندق “بولغري” في باريس الذي يعتبره سفارة للدار، وأهدافه، ورؤيته الدامجة بين الأسلوبين الفرنسي والإيطالي. واستهل “سيلفان” صاحب الخبرة الاستثنائية في مجال الضيافة الفاخرة، حديثنا بالتعبير عن سروره بلقائنا من جديد، مشددا على أن الحياة قصيرة جدا وأنه على الناس اغتنام فرصة اللقاء كلما أمكن.
أخبرنا ماذا حدث بعد مغادرتك فندق “بولغري” في لندن. هل أنت سعيد هنا، في باريس؟
كل شيء بخير، وأنا سعيد بأن أكون هنا. غادرت لندن في عام 2016، لأبدأ رحلتي الباريسية الجديدة. في الواقع، الشركة اشترت مبنى وقع عليه نظري بالصدفة، فأبلغت عنه نائب رئيس مجموعة “بولغري” التنفيذي “سيلفيو أورسيني” الذي نقل بدوره الفكرة إلى الشركاء المساهمين. المبنى كان في حالة سيئة للغاية، واستغرق إخلاؤه بعض الوقت قبل أن نستطيع إطلاق مراحل البناء مع فريق الهندسة. بدأنا حقا من الصفر، غير أننا حافظنا على هيكل المبنى الأصلي الذي بفضله استطعنا أن نفعل ما فعلناه. نجحنا في زيادة طوابق المبنى وتوسيعه، لتوفير مساحة كافية لإنشاء 76 جناحا ومنتجع سبا.
باريس هي مدينتي، وقد أدرت الكثير من فنادقها سابقا، مثل “ريتز”، و”جورج الخامس”، و”أوتيل دو كريون”، و”رويال مونسو”. لذلك، إن العودة إلى باريس بعد نجاحي في افتتاح فندق “بولغري” في لندن أمر رائع بالفعل، خصوصا لأنني في نهاية المطاف من أصول فرنسية وإيطالية. هذا الفندق الجديد عزيز حقا على قلبي، وأنا فخور بأنني رافقته منذ البداية، وافتتحه الآن بعد ست سنوات من عثوري على المبنى.
لن أنسى كم استمتعت وسررت بتجربة فندق بولغاري لندن، حيث كانت الأجنحة كلها محجوزة دوما منذ اليوم الأول لافتتاح الفندق. وأتمنى اليوم أن أحقق نجاحا شبيها في باريس، مع العلم أن قطاع الفنادق في باريس مختلف.
أنجزت عملا رائعا في وقت محدود، خصوصا في ظل سنة ونصف من الجائحة. ما الذي يحمله فندق “بولغري” الجديد إلى باريس في هذه الأوقات الصعبة؟
لولا الجائحة، لكان الفندق جاهزا قبل 18 شهرا. الجائحة أربكت الكل، وسببت فوضى عامة، فضلا عن التأخير في البناء، وسلسلة توريد المفروشات، وكل المراحل الأخرى. لكننا في النهاية نجحنا في التعويض عن كل التأخير، وقدمنا عملا جيدا جدا برأيي.
حين افتتحنا فندق لندن، تساءلنا: لماذا تحتاج لندن إلى فندق جديد؟ لكن الافتتاح في “نايتسبريدج” كان تغييرا كبيرا لهذا الجزء من المدينة، لأن وسط لندن لم يكن قد شهد على تشييد فندق جديد منذ 30 سنة، بل كانت كل مشاريعه مشاريع ترميم وتجديد. الأمر نفسه ينطبق على هذا الجزء من باريس، الذي لم يستقبل فنادق جديدة منذ افتتاح “فوكيتس” قبل أكثر من عشرين عاما. كنا متحمسين لفكرة إضافة شيء جديد إلى هذا الجزء من المدينة، والنتيجة تستحق كل العناء.
أعتقد أن “بولغري” تقدّم هنا بديلا للفنادق الكلاسيكية التي هي بلا شك رائعة. هذا الفندق الجميل مختلف، بفخامته الأصيلة وأناقته الإيطالية.
اللقاء بين إيطاليا وفرنسا ينعكس حتى على ديكور الفندق وقطع أثاثه. كيف حققتم هذا التوازن الجامع بين ثقافتين؟
أقول دائما إن الفرنسيين هم إيطاليون غاضبون، وإن الإيطاليين هم فرنسيون لطفاء. ترعرعت في فرنسا، لوالدين إيطاليين. وفي دار “بولغري”، تجتمع فرنسا وإيطاليا في انسجام سلس، على الرغم من أنه من النادر جدا أن نجد في علامة فاخرة ثقافتين أصيلتين ومنطقيتي الوجود. فتنتمي “بولغري” إلى مجموعة “إل في إم إيتش” الفرنسية، لكنها دار إيطالية الجذور والهوية والأسلوب. ما تقدّمه جريء دون أن يكون صارخا؛ هي علامة لا تخاف أن تقول “أنا هنا”، وعلامة تحتفي بالترف والفخامة، الأمر الذي أظهرناه في الفندق الجديد.
وبالنسبة إلى المواد والمفروشات وعناصر الديكور، فقد استعملنا مثلا قطعا خشبية مطعّمة بنمط القش الذي يعتبر توقيعا لمصمم الديكور الفرنسي الراحل “جان ميشال فرانك”. قليلون هم الحرفيون الفرنسيون الذين يستطيعون تنفيذ هذا التطعيم، وقد تعاونا مع أحدهم، واخترنا له خشب الأوكالبتوس.
اهتمامكم باللمسات الأخيرة والتفاصيل الدقيقة ينعكس على كل أنحاء الفندق.
نعم، وقد استعملنا مواد نفيسة نادرا ما نجدها في الفنادق الأخرى. أذكر منها على سبيل المثال رخام “كالاكاتا” الرائع بتعرقات ذات لون يلامس الأحمر. وهناك الأونيكس الإيراني الأبيض الموجود في قاعة الاستقبال في منتجع السبا، وأيضا في المقهى على الطابق الأرضي، حيث ينشر جوا مميزا جدا حين يلامسه الضوء.
أكثر ما أحببته في الفندق هو المشهد من الطوابق العليا وحديقة البنتهاوس التي تخطف الأنفاس. هلا أخبرتنا أكثر عنها؟
حديقة الطابق العلوي هي من تصميم مكتب هندسة المناظر الطبيعية “غاردين دو غالي”، وقد تطلبت الكثير من العناية والاهتمام والوقت. وفي حين أن عمر الحديقة ليس سوى 18 شهرا، فإنها تبدو وكأنها موجودة هنا منذ زمن طويل. هذه الحديقة وحديقة الطابق الأول من جناح البنتهاوس فريدتان حقا، وأستطيع القول إنهما لا تشبهان أي حديقة أخرى في فندق باريسي.
فاجأنا هذا المشروع الجديد الاستثنائي. بعد خبرتك الفريدة في قطاع الضيافة الفاخرة، ماذا تتوقع الآن لهذا الفندق؟
ما نسعى إليه هو أن نقدّم إلى باريس فندقا جديدا إيطالي الأناقة، وأن نجعل المطعم والسبا والغرف تمتلئ تدريجيا بالنزلاء والضيوف. نفتح أبوابنا في موسم الكساد السياحي، ما يمنحنا الوقت لضمان جودة خدماتنا. لا أعني هنا أن الفندق ليس جاهزا تماما، لكننا نريد التأكد من أن كل شيء سيكون مثاليا قبل وصول موسم النشاط السياحي في مارس أو أبريل.
دخلنا الآن عاصمة أوروبية جديدة، حيث المنافسة شرسة. نريد ببساطة أن نحتل موقعنا بتمهل وتأنٍّ، وسنقدّم كل ما لدينا للاعتناء بضيوفنا، ليغادروا فندقنا سعداء ويخبروا أصدقاءهم عن تجربتهم. نجحت في بناء فريق من 230 شخصا، لكن إيجادهم لم يكن سهلا، لأن هناك نقصا في سوق العمل، والكل يبحث عن موظفين.
كل من سألنا عنك في فريق العمل يقول إنك متواضع ودائم الابتسام ومستعد لمساعدة الجميع. هل هذه من مقومات نجاح المدير؟
من هو مدير الفندق من دون فريق عمله؟ لكن مع إيماني بالعمل الجماعي، هناك شيء لا أفوضه إلى أحد، وهو ضمان وجود الحمض النووي لدار “بولغري” في كل عناصر الفندق. الأمر أشبه بافتتاح سفارة للدار، بمعنى أننا نريد لمن يزور الفندق أن يفهم هوية “بولغري” وجوهر ما تقدّمه: فخامة غير رسمية لكن لا تشوبها شائبة. وهو ما ينعكس على خدمتنا التي نحرص على أن تكون ودودة دون أن تتجاوز الحد.
كيف تصف العمل تحت جناحي مجموعة “بولغري” وإدارتها التنفيذية، خصوصا أن مجالها الأساسي مختلف جدا عن الفنادق؟
رئيس الدار التنفيذي “جان-كريستوف بابين” شخص منفتح، يسهل التحدث إليه. هو واضح وصريح وغير متقلب، ويقول الأمور دائما كما هي. كما أنه رجل أعمال حقيقي وصاحب رؤية ملهمة، وقد حقق نجاحا ونموا كبيرين للشركة منذ أن تولى رئاستها التنفيذية، وأطلق فيها خطوط إنتاج ومجموعات جديدة. بالنسبة إلى الفنادق، فقد دعم تطويرها ونموها بشكل كبير، وهو ليس بالأمر السهل لأن قطاع الضيافة كما قلت ليس في مجالها الأساسي.
وصحيح أن دار “بولغري” لا تستثمر مالها الخاص في فنادقها، لكنها تسخر موارد كثيرة لتطوير مشاريع فنادقها، وللأبحاث، وللحفاظ على معايير الجودة العالية. فنادق الدار جزء حقيقي من عالمها، وأنا متفائل جدا بمستقبلها.
التعليقات مغلقة.