الموقع الرسمي لمحاور المشاهير عدنان الكاتب

Stuart Vevers : ما أعشقه في عالم الموضة أنه دائم التغيّر

 

تعرفت للمرة الأولى عن قرب إلى المصمم البريطاني المبدع  Stuart Vevers  في مدريد، قبل نحو تسع سنوات، حيث كان المدير الإبداعي في الدار الإسبانية العريقة “لويفي” Loewe، واليوم أعود وألتقيه بعد أن ترك بصمته المميزة في دار “كوتش” Coach التي يشغل فيها منصب المدير التنفيذي الإبداعي منذ عام 2014. ومناسبة هذا اللقاء مرور ثمانين عاما على تأسيس هذه الدار الأمريكية الفاخرة المتخصصة في حقائب اليد والأمتعة والإكسسوارات والملابس الجاهزة.

 

حوار: “عدنان الكاتب”  Adnan ALKateb

 

 

تطفئ Coach شمعتها الثمانين هذا العام. من أي حقبة من تاريخ العلامة تستمدّ وحيكَ بالشكل الأكبر؟

أستمدّ وحيي من حقبة “بوني كاشين” Bonnie Cashin التي امتدّت على ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. كانت بوني رئيسة المصمّمين الأولى لدى Coach، وكانت تتمتّع برؤية خاصة في ميدان التصاميم العملية والألوان والبساطة وبروح مرحة، وكلها أسهمت في رسم هوية العلامة. استوحيت من العديد من تصاميمها التي لا تزال مواكبة لصيحات الموضة في وقتنا الحاضر تماما كما كانت رائجة منذ خمسين أو ستين عاما.

 

لماذا تهتمّ كثيرا بتسليط الضوء على تاريخ العلامة وعلى الموازنة بين إرثها وبين صناعة قطع تناسب العملاء في الحاضر؟

منذ انطلاقتي مع الدار، كانت رؤيتي تتمثّل في إيجاد نقاط مشتركة بين إرثها العريق وثقافة البوب. قررت أن أبدأ من تاريخ الموضة الأميركية، وأستمر في ذلك حتى يومنا هذا عبر رؤية الماضي من المنظور الشبابي للجيل الجديد.

 

لاحظنا في السنوات السابقة توجها شبابيا أكثر للعلامة. ماذا يمكنكَ أن تقول عن رؤيتكَ وعن الأسلوب الذي استخدمتَه لتفعيلها؟

منذ بداية مسيرتي مع Coach، تمثّلت رؤيتي في إعادة ابتكار إرثها من منظورنا الحديث، من خلال الدمج بين التاريخ الحرفي وثقافة البوب وإضفاء لمستي الشخصية على المزيج.

أفكر كثيرا في ما تعنيه الرفاهية والموضة للأجيال الشابة، إذ إن طريقة تفكيرهم الجماعية تضع بصمتها على العالم أجمع في الكثير من الأحيان. واليوم، أظن أن هذا الأسلوب أكثر أهمية من البحث عن الكمال.

اعتبارا من يومي الأوّل مع “كوتش”، غيّرت الكثير من الأشياء لتطبيق رؤيتي، فمثلا أطلقتُ مجموعات من الملابس الجاهزة وعروض أزياء خاصة بها، كما تعاونتُ مع المصوّرة يورغن تيلر والمصوّر رينيل ميدرانو لالتقاط حملاتنا بعدستهما، وأعدتُ ابتكار متاجرنا وأسدلتُ الستار عن شخصية الماسكوت الخاصة بدارنا، ودعيتُها ريكسي. كذلك ابتكرتُ طريقة جديدة لعملنا تركّز على الاستدامة والعمل بمسؤولية، وأدخلتُ الإطلالات الفينتاج، ومفهوم إعادة التدوير إلى عالمنا، وأنشأتُ علاقات وثيقة مع عائلة Coach وأصدقائها، ومعا بنينا مجتمعا تربطه أواصر فريدة.

تهدف كلّ هذه التعديلات لبناء عالم جديد يضرب جذوره عميقا في العالم الجمالي الحقيقي لمدينة نيويورك ويركّب إطلالة كاملة من هذا المنطلق، فتجمع ما بين السمات الأساسية للملابس الرياضية الأميركية وبين الفرادة، بغرض تصميم قطع مميّزة وتطعيمها بلمسة سحر لا مثيل لها. من جهة أخرى، تبثّ هذه القطع شعورا من الفرح والحنين وسهولة التنسيق، ما يشعر مرتديها بالإيجابية ويعطيه نفحة شبابية.

 

ما الذي ترغب في تحقيقه مع “كوتش”، ولم تسنح لك الفرصة لتنفيذه حتى اللحظة؟

العديد من الأشياء! ولكن ما أعشقه في عالم الموضة أنه دائم التغيّر. ولا أدري ما الذي ينتظرني فيه في المستقبل.

 

ما التحديات التي تواجهكم والعالم لا يزال يتخبّط في خضمّ جائحة كورونا؟

لم تختلف التحدّيات التي واجهها فريقي عن تلك التي واجهها الكثيرون في هذه الفترة، وأهمّها فرض العمل من المنزل، وعدم القدرة على الاجتماع في مكان واحد لتبادل الأفكار والتعاون. اضطررنا أيضا للتعامل مع تغيرات مستمرّة، ولإعادة النظر في جميع المسلّمات السابقة.

من جهتي، أجد في التغيير منبعا للطاقة، إذ إنه يفتح المجال للإبداع ولإيجاد حلول مبتكرة للمشكلات المطروحة. وفي هذا الصدد، أذهلني إصرار فريقي وإبداعه، إذ وجدنا طرقا جديدة للعمل معا، ولحصد النتائج الباهرة، وأنا ممتنّ لهم أشدّ الامتنان.

 

شكل هذا الوضع منعطفا في حياة الكثيرين، وحثّهم على التعلّم. بالنسبة إليك، ما الذي اكتسبته من هذه الأزمة؟

أجبرني هذا الوضع الذي نعيشه على العودة إلى ذاتي والتفكير في الأمور التي تهمّني حقا، وهذا لسان حال أكثر الناس. وبدا هذا الوقت مناسبا لتسريع تنفيذ خطط تُعنى بمسؤوليتنا تجاه البشر وتجاه كوكبنا، وتهتم بشكلٍ أكبر بدورة حياة الموضة وبمجتمعاتنا المحلية. ففكّرت، “ما الذي ننتظره لنبدأ؟” وقد كانت هذه لحظة فطرية بامتياز.

واجهتنا العديد من التحديات خلال ابتكار مجموعاتنا وعروضنا الترويجية وتصوير حملاتنا، ويبقى أهمّها العمل من المنزل وعدم قدرتنا على الاجتماع في مكان واحد لتبادل الأفكار والتعاون. اضطررنا أيضا إلى التعامل مع التغيرات المستمرة، ولإعادة النظر في جميع المسلّمات السابقة، ما ساعدنا على التحرر من قيودٍ كثيرة.

 

أخبرنا القليل عن مجموعتك لخريف وشتاء 2021. كيف أثّر ابتكار هذه المجموعة في ظروف استثنائية على التصاميم وعلى إبداعك؟

تُعتبر مجموعة خريف 2021 امتدادا لمجموعة الربيع من السنة نفسها، ولهذا أحبّ أن أدعوها مجموعة Coach Forever Season Two. نواصل التزامنا منذ الموسم الماضي بالحد من المخلّفات وبالتفكير مليا في الأثر الذي نخلّفه على البيئة، إضافة إلى إعادة النظر في الأسلوب العام الذي ننجز به أمورنا. نستمرّ بتحدّي أنفسنا ونغامر بفعل أشياء لم نقم بها من قبل، بدءا من أسلوب تصميمنا وابتكاراتنا، وصولا إلى طريقة تقديمنا للمجموعات.

عبّرنا في هذه المجموعة عن أسلوبنا المبتكر في الاستجابة للظروف الفريدة التي نعيشها حاليا، إذ تحاكي قطعها المريحة والمليئة بالحنين والمنسّقة على شكل طبقات الحالة التي نعيشها في وقتنا الحاضر. تتميّز كلّ إطلالة بفرادتها وخصوصيتها وبأنها منسّقة من عدة قطع، فتحكي قصة كاملة متكاملة. وقد استوحيتُ الأفكار لتصميمها من فكرة الدمج بين الملابس الخارجية وملابس المنزل، فزاوجنا بين عالم التسكّع في البيت والعالم الخارجي. وذلك أنّنا اعتدنا على ارتداء الملابس الناعمة والمريحة بعد قضائنا وقتا طويلا في المنزل، ولم نعد نشعر برغبة في التخلّي عن تلك الراحة. أحسستُ بأنّ الخيط الرفيع الذي يفصل بين الملابس الخارجية وملابس المنزل قد تم قطعه، وهو أمرٌ لطالما تميزت به مدينة نيويورك.

 

ما أهمية الحفاظ على أساليب إنتاج الجلد التقليدية وعلى طرق الصناعة الحرفية اليدوية للعلامة؟

لن تذبل أهمية الحرف اليدوية بالنسبة لي، إذ إنني أحبّ هذا الأسلوب في العمل، وأكنّ له جزيل الاحترام. بَنت علامة Coach إرثها على صناعة الجلد بالطريقة اليدوية، لكنّها الآن اكتسبت نظرة أخرى مغايرة، لتصميم قطع أكثر عصرية ونابضة بالحياة.

 

من المؤكّد أنّ الموضة المستدامة هي حديث الساعة. ماذا يمكنك أن تخبرنا عن خبرتك معها وعن تَوجُّه العلامة لتصميم قطع فاخرة بأسلوب مستدام؟

التزمتُ من خلال مجموعة Coach Forever بمسؤوليتي تجاه البيئة، إذ تترسّخ جذورها في ممارسة إعداد نماذج أوليّة والتعلم منها ومن تصاميمنا السابقة.

واليوم، أصبحت الاستدامة أحد الميادين التي تغوص الدار إلى أعماقها، وتعمل على الانطلاق بها قدما، كما أنني شخصيا أجدها بمنتهى الأهمية.

 

ما الذي ترغب في إيلائه المزيد من الأهمية فيما يتعلّق بالاستدامة في ميدان تصميم الملابس الفاخرة؟ وما الخطوة الجديدة التي تنوي اتّخاذها في Coach لتصميم قطع بطرق أكثر مراعاة للمعايير الأخلاقية؟

عندما نتحدّث عن الاستدامة في ميدان عملنا، يتمثل موضوعنا الأساسي في إحداث أقلّ ضرر ممكن على البيئة عند استحصالنا على المواد الأولية لصناعة قطعنا وخلال تصميمها يدويا أيضا. وأنوي أن أغوص في عالم التجديد في خطوتي التالية، ويتمثّل ذلك في العمليات التي تساعد على علاج كوكبنا بدلا من استنزاف موارده.

كان فريقي قد طور جلد Original Responsible Leather لموسم خريف 2021، والذي يُشكّل مثالا صارخا على ذلك، إذ استحصلنا عليه من موراد محلية بالكامل، بدءا من المزارع التي كانت تربية الأبقار فيها وصولا إلى المكونات التي نستخدمها في الطلاء واللمسات الأخيرة، كما صُنع بالتعاون مع دباغة تُشغّل بإدارة عائلية، وتدعم الممارسات المستدامة في مجال الزراعة، كما تولي الأولوية لصحة التربة. تعدّ صحة التربة أمرا حيويا للحياة على كوكب الأرض وللحفاظ عليه، إذ إنها المكان الذي تتكاثر فيه العناصر الغذائية. فضلا عن ذلك، تلتقط التربة الصحية ثاني أكسيد الكربون من الجو وتخزنه. هذا مثال بسيط عن المواد والممارسات التي أرغب في اتّباعها بشكل أكبر في المستقبل.

 

أخبرنا عن المجموعة الحصريّة بمنطقة الشرق الأوسط والمتوفّرة بإصدار محدود. وما الانطباع الذي أخذتَه عن السوق في الشرق الأوسط وعن ستايل المرأة العربية؟

سبق أن أسدلنا الستار عن مجموعة Signature Leather الحصرية بمنطقة الشرق الأوسط، في إطار حملة من بطولة لانا البيك، وبارفان باريت، وتصوير ماتوسز ستيفانوفسكي. تسلّط هذه المجموعة النسائية الجديدة الضوء على النقشة المميزة الخاصة بالدار، والتي تبدو نافرة على القطع بالجلد المحبّب والمصقول، وتضمّ موديلَي Willow وTyler الكلاسيكيين، إلى جانب تشكيلة من السلع الجلدية الصغيرة بلوحة ألوان تشمل الأسود والأحمر القاني والرمادي.

 

كما جرى تصوير الحملة بين أحضان دبي، وتشيد الخلفية التي تظهر فيها معالم الإمارة بطاقة وحيوية مدينة نيويورك، مسقط رأس علامة Coach. وقد تعاونّا فيها مع منسقة الأزياء كارميل هاريسون، ومع مصوّر الفيديو جير فيلاسكيس.

 

ما الشعار الذي تقتدي به في مهنتك؟

أقتبس أحَبّ الشعارات إلى قلبي من الفنان أنتوني بوريل، وهو: “اعمل بجد، وكن لطيفا مع الآخرين”.

 

ما أكبر تحدٍّ تواجهه في الوقت الحالي؟

لا تختلف التحدّيات التي أواجهها عن تلك التي يواجهها الكثيرون، وأبرزها عدم قدرتنا على رؤية الأشخاص الذين نحبّهم وجها لوجه، والعيش في عالم يظلّله الشك وعدم اليقين. مع ذلك، استخدمت هذه التحديات للشعور بالتفاؤل الذي يساعدني على الاحتفاظ بالأمل في أنّ هذه الأوقات ستلهمنا لإحداث تغييرات إيجابية مهمة وعميقة. أتمسّك بالأمل بمستقبل مشرق، وأعتقد أنّ هذه الفترة شجّعت الجميع على التشاور في موضوع مسؤوليتهم تجاه بعضهم البعض، وهذا الأمر كان يجب أن يحدث منذ وقت طويل.

التعليقات مغلقة.