الموقع الرسمي لمحاور المشاهير عدنان الكاتب

هالة خياط المديرة الإقليمية لـ”أرت دبي”: لا شيء يضاهي امتلاك عمل فني مهم أو الوقوف عليه

مسيرة الشابة المتميزة هالة خياط حافلة بالإنجازات والنجاحات، فهي ليست فقط فنانة راقية بل خبيرة عالمية بكل أنواع الفنون والمعارض، وتمتلك ذوقا رفيعا سخرته لخدمة الفن والثقافة، وشغلت مناصب عدة في هذا المجال، وأخيرا تم تعيينها مديرة إقليمية للمنصة العريقة “أرت دبي” Art Dubai، بعدما قضت قرابة 14 عاما في دار “كريستسز للمزادات” Christie’s auctions.. وسبرت هالة أغوار الفنون العالمية بما فيها العربية والتركية والإيرانية الحديثة والمعاصرة.. وتخرجت في كلية الفنون الجميلة قسم الاتصالات البصرية في جامعة دمشق، ثم حازت الماجستير في دراسات التصميم من الجامعة العريقة “سنترال سان مارتين” Central Saint Martins في لندن.

حوار: عدنان الكاتب Adnan Alkateb

 

نبارك لك تسلمك منصب المديرة الإقليمية لـ”آرت دبي”، هل فكرت يوما أنك قد تتسلمين هذا المنصب؟

شكرا لكم، لم يكن لدي وقت للتفكير. فلقد تركت عالم المزادات منذ شهرين فقط، وأردت أخذ قسط من الراحة، ومن ثم إكمال المسيرة بنشر الثقافة الفنية، ولذلك عندما سنحت لي الفرصة مع “آرت دبي” Art Dubai كنت مسرورة وممتنة جدا. وشعرت بأن دوري في المجال العام للفنون لم ينتهِ.

ماذا يعني لك منصب المديرة الإقليمية لـ”آرت دبي” بعد مسيرتك الحافلة بالنجاحات والإنجازات؟

تزامنت بداية “آرت دبي” عام 2007 مع بدء مسيرتي الفنية العملية. وعلى الرغم من أنني كنت في عالم المزادات العالمية، كانت عيني على عالم الفن بكل منصاته. ولأنني أعيش في دبي كان أسبوع “آرت دبي” منتظرا من الجميع، وكانت خطوة كبيرة، لأن دبي في ذلك الزمان كانت تشهد تطورا سريعا على كل المستويات. وفكرة دعم الإمارات لهذه المنصة على غرار منصات “بازيل” في سويسرا، و”فريز” في لندن كانت خطوة مهمة للإمارات، وللوطن العربي والمنطقة الجغرافية كافة.

أسبوع “آرت دبي” كان الوقت المهم لي لمقابلة أصحاب صالات العرض من بلاد بعيدة، واستقبال كبار المقتنين، وزيارة المعرض معهم، والنصيحة بما أظن أنه يضيف إلى مجموعاتهم من أعمال مهمة، إضافة إلى الاستفادة من المحاضرات والمواضيع الثقافية المتنوعة.

وكوني اليوم في منصب مدير إقليمي لمعرض “آرت دبي” هو تطور موجّه لمسيرتي، وفخر كبير أحرص فيه على أن أتابع علاقتي مع جميع الأطراف المعنية، وأن أخدم هذه المنصة لإيماني العميق بدور منصة “آرت دبي” الفنية في تطوير ثقافة الفن العالمي في المنطقة. ودعم الفن العربي.

ما الذي يميّز معرض “آرت دبي” عن غيره من المعارض الفنية؟

سنة 2020 أُلغيت كل المعارض الفنية العالمية، وكانت سنة التحديات الفنية. وفي بداية 2021 ستكون منصة “آرت دبي” الأولى في العالم للمضي في هذا السياق. وهذه الخطوة مميزة، لأن الإدارة آمنت بدبي مدينة صحية، لتمضي قدما في افتتاح المعرض على الرغم من الجائحة، طبعا مع مراعاة الالتزام بالقوانين. كما أن معرض “آرت دبي” يضم 86 من غاليرهات العالم والمنطقة العربية وإفريقيا.

كيف ينهض “آرت دبي” بالحركة التشكيلية في دولة الإمارات والمنطقة؟

يؤمن المعرض باستمرارية المشهد. كما يؤمن باستمرارية الحوار الثقافي بين دول عربية، ودول إفريقية، ودول من بلاد الهند وأوروبا. ويسعى لخلق حوار جديد للشباب العربي والأجنبي على أرض الإمارات.

منصة الفن في نظري من أهم منصات الحوارات الثقافية الحالية، و”آرت دبي” يسعى إلى ازدهار هذا الحوار. إضافة إلى الحوار مع الجمهور والرقي بالثقافة العامة.

كيف ستكون النسخة القادمة من “آرت دبي” بعد التحديات التي يمر بها العالم؟ وهل من الممكن تسخير الفنون في مواجهة الجائحة؟

النسخة القادمة مشوقة وغنية مع صالات عرض شاركت في المعرض من قبل وأخرى جديدة.

التحدي تكنولوجي، بما أن “آرت دبي” سيصدر تطبيقا جديدا عن المعرض وفعاليات كل السنة.. فترقبوه.

وأظن أن كثيرا من الفنانين العارضين قد يعبرون عن الجائحة بفنهم. ويجب على القراء أن يأتوا إلى المعرض ويكتشفوا بأنفسهم.

أما عن الفترة الحالية، فإن “آرت دبي” أطلق اليوم منصة اسمها معرض البورتريهات. (معرض شخصيات فنية) ستكون مجموعة من الأفلام القصيرة الوثائقية عن بعض فنانين مميزين مع شرح مفصل عن عملهم والمواد المستخدمة، وآلية تفكيرهم، ولائحة بأهم الأعمال المعروضة للبيع.

أثرت جائحة “كورونا” في كل القطاعات، وكذلك المعارض الفنية، ما أبرز العقبات التي تواجهك؟

قطعت دولة الإمارات في الأشهر الماضية شوطا كبيرا في تحدي جائحة “كورونا”، أكد لجميع المقيمين جدية طواقمها الطبية وجاهزيتها التامة، لتبرهن الدولة على إدارتها الحكيمة في إدارة الجائحة.

التحديات ستكون لها علاقة بالسفر إلى الدولة، وجاهزية بلاد أخرى، وتخطي الفحص المطلوب، وأما دوري، فسيركز على جمهور المنطقة. وسنتعاون مع دائرة الصحة، ونلتزم بكل قوانين احترام الصحة والتباعد، وزيارة المعرض في ساعات مخصصة مختلفة.

بعد تأجيل جميع الأعمال والمعارض الفنية بسبب الجائحة، أعلن “آرت دبي” عن موعده الجديد، فما الاحترازات الجديدة التي سيتّبعها؟ وهل سيقدم أعمالا جديدة ومختلفة في النسخة المقبلة؟

سيلتزم المعرض بالقوانين الصارمة والمنطقية للدولة. هذه القوانين في تغير مستمر تبعا للأرقام والإحصاءات الجديدة. ونتأمل خيرا بعد 6 أشهر من اليوم. التباعد الاجتماعي ولبس الكمامات أصبحا من البديهيات في دولة متطورة كالإمارات.

وأما الأعمال الجديدة، فنحن على تواصل دائم مع كل العارضين من دون استثناء لانتقاء الأجمل والأهم من فنانيهم، للمشاركة في “آرت دبي”.

كيف تصفين مشهد الفن العربي ومدى تطوّره في السنوات الأخيرة؟

الفن العربي أصبح عالميا، وهو صحي ونشيط وفي تطور دائم، وهو يدين بالفضل لمنصات مهمة كـ”آرت دبي” التي تعمل منذ 14 عاما على استضافة وتنقية الأعمال المقدمة. فالساحة العربية الفنية نشيطة على الرغم من المشاكل الاقتصادية، والحروب والعقوبات في مناطق كثيرة من الشرق الأوسط على سبيل المثال. وثمة معارض فنية كثيرة، وجمهورها ملتزم ومثقف من دمشق، إلى بيروت إلى مراكش والإسكندرية.

كما أن عدد الفعاليات المسجلة منذ 15 عاما إلى اليوم يضاهي ما أسس خلال الـ 100 عام الماضية. ونذكر منها: منصات صوتية، مرئية، على وسائل التواصل الاجتماعي. والمعارض الدائمة والموسمية والمنشورات، والصحافة المتخصصة. إضافة إلى دراسات الفن المتخصصة. وجمعيات دعم الفن والفنان العربي والسياحة الفنية.

ويقدم “آرت دبي” المنصة، حيث يلتقي جميع الناشطين في هذه الساحة.

كما أن دور المزادات العربية في نمو ملحوظ، وكذلك المعارض المتخصصة. أما المنصات المضيئة في دول الخليج، وتحديدا السعودية والإمارات ، فتشهد جيلا مهما من الفنانين الناشئين، وبرامج هذه الدول الثقافية تساعد على دعمهم.

هل سنشهد تعاونا بين “آرت دبي” والمشهد الثقافي في الإمارة المتمثل في معارض مثل سكة والمبادرات التي تطلقها “براند دبي”، الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي؟

طبعا هذا مستمر، وهو في جوهر علاقتنا بالإمارات. وسنعمل مع كل الفعاليات والمنصات الداخلية، مثل warehouse 421 من أبوظبي، وأيضا مؤسسة الشارقة للفنون.

في ظل التوجه لجعل مدينة دبي متحفا مفتوحا للفنون، هل من الممكن أن يكون موسم دبي الفني طوال العام بدلا من شهرين؟

نعم، نحن في صدد تطوير المنصة، لتغطي برنامجا سنويا، وهذا الهدف الأكبر.

في عصر تحكمه التكنولوجيا، ما تأثير ذلك في مفهوم اقتناء الفنون برأيك؟

لا شيء في العالم يضاهي الوقوف أو امتلاك عمل فني مهم. فالإنسان مقتنٍ منذ الأزل.. يجمع الأشياء التي تعني له، ويتداول أولاده ما ورثوه منه ومن أجدادهم. ويتأمل في الموروث المادي في المتاحف، ويتداوله، ويبيعه، ويستثمر فيه. هذا أمر أزلي لن يختفي.

ماذا أضاف لك هذا العشق الكبير للفنون على المستوى الشخصي والإنساني؟

الرقي، والثقة بالنفس العربية، والعلاقات.

ما أكبر ما تطمحين إليه فيما يتعلق بالفنون ومسيرتك المهنية؟

أطمح إلى النجاح في خلق جيل عربي واعٍ ومثقف، يؤمن بطاقاته ولغته، ويدافع عن هوية وطنية عربية فخورة. وأطمح إلى جعل الفن العربي القديم والحديث والمعاصر يتلألأ عالميا، ويتبوأ مكانة عالمية في متاحف العالم.

ومما أطمح إليه أيضا أن تكون هنالك متاحف متخصصة في كل المدن العربية، لخدمة المجتمع مع برامج تثقيفية مخصصة على مدار السنة، وأن تخصص الدول العربية مبالغ تصرف لجمهور الفنانين العرب. فالفن عمل متعب، ويحتاج إلى وقت طويل لكي يثمر.

حدثينا عن رحلتك والصعوبات التي واجهتك منذ دخولك إلى عالم الفنون مرورا بعملك مديرة للمزادات في دار كريستيز، ووصولا إلى ما أنتِ عليه اليوم؟

رحلة مشوقة ومليئة بالمفاجآت السارة، لكنها كانت أحيانا شاقة ومتعبة، وبحاجة إلى صبر كبير، واستيعاب لكل مراحل العمل. رحلتي مميزة، لأن الله وفقني بالعمل بما أحب، وهذا إكرام كبير.

أما أهم الصعوبات التي واجهتني فهي الغيرة والحسد، والتشكيك بالقدرات، والأذى المقصود، والتعامل مع أغبياء المصلحة، وهذه أمور لا تغتفر.

الفن مدخل سهل للجميع. نحن لسنا بصدد تركيب صاروخ جديد يطلق إلى المريخ. ولكن الفن قضية وحرب وانتحار وحياة وموت، من لا يأخذه على محمل الجد يخسر.

أما داعمي الدائم فهو الله، ثم العائلة، وصوت الوالد المرحوم، والوالدة الموجودة دائما عند الحاجة. وكذلك الزوج المتفهم، والأولاد الفخورون، والإخوان السند، والأصدقاء الجواهر.

أنت اليوم قدوة للمرأة الناجحة من خلال المناصب الرفيعة التي تترأسينها، ما النصيحة التي تقدمينها للمرأة العربية، وخاصة التي تسعى للنجاح في مجال الفنون والثقافة؟

أنصحها بأن تدرس كثيرا، وتعمل كثيرا، وأن تحب كثيرا، وتسامح كثيرا، وألا تفقد أنوثتها، وتعتز بأخلاقها.

أتمنى أن أرى دائما نساء عربيات ناجحات يسعين لتحقيق أحلامهن. فالمرأة العربية مدللة من والديها، وزوجها، وأطفالها ومجتمعها الذي يكن لها مكانة فاضلة. فيجب عليها مع كل هذا الحب أن تعطي كثيرا. لم تتوقف مسيرتي لكوني امراة، بل على العكس أشعر بأن الطريق أسهل في المنطقة العربية.

ومجال الثقافة والفن يكاد يكون أنثويا أحيانا، وهذا امتياز لكل سيدة تسعى لدور في هذا المجال. والكتابة عن الفن اختصاص مهم مهمل قليلا، وأتمنى رؤية كاتبات ناقدات فنيات عربيات في المستقبل

التعليقات مغلقة.