ضيفتنا الشابة الإماراتية المتميزة والقيادية الناجحة هند بن دميثان، مديرة فعاليات في مركز حمدان بن محمد، ومؤسِّسة استوديو “همزة وصل” والمديرة الإبداعية، وهو استوديو لإدارة الفن والتصميم. تركيزه على creative community collective، بحيث يجمع العقول والمهارات الإبداعية في آن واحد، ويتعاون فريق الاستوديو مع الدوائر الحكومية، والمؤسسات الخاصة، والمبدعين عموما. وإضافة إلى ذلك هي المؤسِّسة المشاركة لشركة “إيست وست أتالير”، وتضم 4 أقسام: كافيه ومحل للتبضع ومكان للفعاليات، وكذلك سبا للاسترخاء. يجمع بين الشرق والغرب من خلالها ومن خلال شريكتيها أورسلا ونزيل، وأليازيا خليفة المري.
وفي هذا التصوير الخاص تحتفل “تيفاني أند كو” Tiffany & Co بإطلاق مجموعتها T1 التي تكرم المرأة مع صديقة الدار هند بن دميثان التي تُدخلنا إلى عالمها الفني المبهر باعتبارها مستشارة إبداعية، وأمينة معارض ومبتكرة للفيديوهات. ومثلت دولة الإمارات في مهرجان بينال في البندقية Venice Biennale، وفي معرض أرت بازل Art Basel وغيرها.
حوار: عدنان الكاتب Adnan Alkateb
ماذا تتذكرين من طفولتك وأيام الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية؟
طفولتي كانت مفعمة بالنشاطات الفنية، أستطيع أن أصف نفسي بالفضولية، وأكثر ما كان يجذبني ويشد انتباهي هو اللعب بالألعاب “اليدوية والحرفية”، وإلى جانب ذلك حبي للقراءة. ومن خلال ممارستي للألعاب اليدوية التي كانت أغلبها تتمثل في تركيب الصور وتركيب الأدوات مع بعضها البعض، وتشكيل المجسمات بالصلصال، اكتشفت حبي لصناعة الأشياء، وأعددت المسرحيات من خلال نتاج أعمالي اليدوية لإخوتي وأبناء الجيران في منزلنا. وكنت أهوى إعداد المسرحيات من تلك الألعاب والدمى والمجسمات التي كنت أصنعها، فهي نقطة تحول في حياتي، وأكثر ما أتذكره أنه في حصة الرياضيات أعطتنا المعلمة سلحفاة رقمية، لنعمل على برمجتها بإدخال معادلة حسابية لترسم تلقائيا الأشكال الهندسية، وتلك السلحفاة الرقمية كان لها دور بارز في تعليمي الأشكال الهندسية وزواياها، فحبي للإبداع والتكنولوجيا بدأ ونما من تلك السلحفاة، وكنت أرى أن هناك رابطا بين الفن والتكنولوجيا، ولكن لم أعِ ذلك إلى أن التحقت بالجامعة، ففي المرحلة الجامعية اكتشفت أن تلك السلحفاة هي مصدر إلهامي. التحقت بجامعة زايد لدراسة الفن المرئي، ومن ثم التحقت بجامعة كاليفورنيا انستيتيوت أوف ذا أرت (Calarts) في أمريكا لدراسة فيديو للمسرح، وخلال دراستي في كاليفورنيا عملت في شركة “ريفا الإبداعية” مستشارة ثقافية، وكذلك تدربت في مكاتب ديزني في قسم الأبحاث المتطورة.
عند عودتي للإمارات عملت قيمة فنية في حي دبي للتصميم، وأنا حاليا أعمل مديرة فعاليات في مركز حمدان بن محمد، وفي الفترة المسائية أنتقل إلى العمل في الأستوديو الخاص بي (همزة وصل).
من الأشخاص الأكثر تأثيرا في حياتك؟
أمي رحمها الله، لأنها كانت مبدعة وتعشق التصوير وتصميم الأزياء ولديها حس فني في انتقاء المجوهرات، حيث كانت تصمم معظم ملابسها وملابس إخوتي في فترة السبعينيات بنفسها، ومن هنا ينبع حبي للأزياء والمجوهرات، فأمي هي المصدر.
ما المبدأ الذي تتبعينه في حياتك؟
مبدئي في الحياة هو : “لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد”، لأن تأجيل العمل والتسويف بالنسبة إلي هو أحد أسباب الفشل والتراخي، وهو عادة سيئة لها تأثير سلبي، فيجب على الإنسان أن يحدد مهامه اليومية، ويضع جدولا زمنيا لتنفيذ تلك المهام، فبرأيي التخطيط يسهم في تحقيق النجاح، فبكل بساطة الوقت لا ينتظر أحدا، فعلينا أن نستثمره بما يعود علينا بالفائدة، وألا نؤجل شغفنا سواء الشخصي أو المهني. وعندما أفكر بفعل عمل ما، لا أحب تأجيله، بل أحب العمل عليه فورا، لأن التأجيل مصدر ضياع الوقت، وعندما أسترجع ذكريات حياتي يتضح لي أنه لأنني لم أهدر وقتي، ولم أؤجل أعمالي حققت ما أحبه. وكل يوم مضى أحس بأنني أنتجت لنفسي وللآخرين.
وما أهم حدث حصل في حياتك؟
أهم حدث حصل في حياتي هو فقدان أمي، فبعد فقدانها اكتشفت أن فقداني لوالدتي جعلني أكثر إصرارا وعزيمة لتحقيق ما أصبو إليه، وأركز في عملي، وأقدم لنفسي وللآخرين. فترك ذلك أثرا سلبيا، وهو أنها لم تعد بيننا، وكذلك ترك أثرا إيجابيا، وهو أن ذلك الحدث كان الدافع لإنتاجي ونجاحي.
هل تتذكرين أول نشاط موسع مارستِه؟ ومتى؟
كان في المدرسة، وهو عمل فني متعلق بحادث دراجة نارية تعرضت إليه في عام 2005.
أخبرينا عن الدعم الذي حصلت عليه من العائلة والأصدقاء، وكيف أسهم هذا الدعم في نجاحك؟
تقبُّل أسرتي لدراسة الفنون لم يكن سهلا، وذلك لاعتقادهم أنني لن أحصل على عمل بعد تخرجي ودراسة الفن، فكان الجميع يظن أنها مجرد هواية، ويمكنني ممارستها في أوقات فراغي، ولكن مع ظهور “آرت دبي” و”آرت أبوظبي”، وافتتاح متحف اللوفر، وحي دبي للتصميم وغيرها، واهتمام الدولة بتلك الفعاليات المتعلقة بالفن والثقافة بيّن للناس أهمية الفن، ازداد دعم العائلة والأصدقاء.. ونجاحي وإبداعي ما هو إلا بإيمانهم بقدراتي، وتشجيعهم ودعمهم ومساندتهم لي.
تهوين التصوير وصناعة الفيديوهات وابتكار التركيبات Installation وغيرها من التقنيات والفنون. أين تجدين نفسك أكثر؟
أجد نفسي أكثر في صناعة الفيديوهات، لأنني أعتبر استخدام الفيديو دفتر تخطيط مرئي، وعندما أصمم الفيديوهات وأعِدها، كأنني أرسم على الشاشة من خلال الصور المتحركة، وكذلك أرى نفسي قيمة فنية، لأنني أجمع بين حبي للإبداع وحبي لجمع مواهب مجموعة من الفنانين في معرض واحد، وخاصة إن كان هناك انسجام بين مهاراتهم وإبداعاتهم وأعمالهم الفنية، وكذلك الفنانون الموهوبون الذين بإمكانهم إضافة أثر في الساحة الفنية.
إلى أي مدى تستعينين بالتكنولوجيا في أعمالك؟
التكنولوجيا عنصر مهم في 85-90% من أعمالي، حيث تستهويني الأعمال الفنية التفاعلية مع الجمهور وأفراد المجتمع، ولذلك وجدت أن للتكنولوجيا دورا بارزا في جذب انتباه وتفاعل الجمهور.
كيف تصفين مشهد الفن والإبداع في الإمارات العربية المتحدة وفي العالم العربي بشكل عام؟
المشهد حاليا مؤثر وأقوى بكثير مما كان في السابق، تقريبا منذ 15 عاما عندما بدأت في هذا المجال، أغلبية الأفراد كانوا ينظرون إليه على أنه مجرد هواية، أما الآن ومع دعم قيادتنا الرشيدة، فقد تغيرت وجهة نظر الأفراد، وأصبح الفن محرك الاقتصاد الإبداعي.
تستوحين أعمالك من المرأة والثقافات. ما أكثر ما يدفعك للأمام لتقديم الأفضل؟ وماذا تعني لك المجوهرات؟
مصدر إلهامي هو حياتي اليومية، سواء كنت أنا أو المجتمع الذي أشكل جزءا منه، فمعظم أعمالي هي ردود على مواقف أعيشها من خلال يومي. المجوهرات عشق لا ينتهي، أصفها بأنها نصف جمال المرأة! فهي منبع الأنوثة، وهي الجمال والذكريات.
ما قطعة المجوهرات الأحب إلى قلبك؟ ولماذا؟
القطعة المفضلة لدي هي قلادة باسم والدتي، رحمها الله، وهي هدية من صديقتي، وعلى الرغم من أنني أحب جميع مجوهراتي، فإن هذه القلادة هي المفضلة لدي، لأنها تحمل اسم أمي الغالية.
ماذا يعني لك التعاون مع دار المجوهرات الفاخرة والعصرية “تيفاني أند كو” Tiffany & Co؟
التعاون أو أن أكون سفيرة لدار تصميم مجوهرات كـ “تيفاني أند كو” يضيفان قيمة إلى أعمالي، ولا سيما أن المجموعة الأخيرة أشعر بأنها في قمة الأنوثة وحادة كذلك، ومثل ما هو مبين في الصور هي تمثل المرأة العصرية القوية الجريئة، والأنثى في الوقت نفسه.
ماذا تعني لك الموضة؟ وما دور الأزياء المحلية والعالمية الأحب إلى قلبك؟
الموضة تعني لي الكثير، فهي وسيلة للتعبير، كما أنها تعكس شخصية الشخص من خلال ملابسه، وتضيف إلى أسلوبه وشخصيته، بغض النظر عن شكل جسمه، فالموضة تعلمنا ما يليق بأجسامنا، والموضة كالفن، كلاهما يعبر عن شخصية الفنان وميوله. أحب العديد من دور الأزياء العالمية المحببة إلى قلبي، ولكن أعتقد أنه مع مرور الأيام هناك الكثير من دور الأزياء التي ستظهر وستكون متأصلة في المنطقة عالمية من جهة الجودة والجمالية.
برأيك كيف تستطيع المرأة أن توازن بين مسؤولياتها الأسرية والاجتماعية وبين نجاحها في العمل؟
الموازنة بينهما ليست سهلة، ولكنها ليست صعبة، بالتأكيد كل منها تحتاج إلى تضحيات ووقت وظروف معينة. في يومي الجمعة والسبت وما بعد الساعة السابعة مِن أيام الأسبوع أرتب وقتي وأوزعه بين الأسرة والأصدقاء، فلا شي يعادل الوقت مع العائلة والأصدقاء، والمسؤوليات العملية أرتبها نهاية كل أسبوع، وأفرز اجتماعاتي وأدرجها في التقويم الإلكتروني في هاتفي. وبالطبع الفترة الصباحية يكون عملي في مركز حمدان بن محمد إلى الساعة الثالثة، ومن ثم أتوجه إلى استوديو “همزة وصل” حتى الساعة السادسة. وفي رأيي تنظيم الوقت هو مفتاح التوازن في تأدية المسؤوليات الأسرية والاجتماعية وكذلك العملية.
التقيتِ في السنوات الماضية وما زلتِ بالكثير من الشخصيات العربية والعالمية، من الشخصية النسائية والرجالية التي تركت أثرا طيبا في نفسك؟ ولماذا، ومن الشخصية التي تطمحين إلى مقابلتها؟
الشخصية التي أتطلع إليها دائما هي شخصية قائدنا الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لأنه شخصية قيادية ومؤثرة في نفوس الشعب، تعجبني طريقة تفكيره الفذة، وكذلك أرى أنه ثاقب النظرة، ولديه نظرة مستقبلية واعدة، ولا يمكننا توقع مستقبل دبي، وذلك لأن الشيخ محمد بن راشد يفاجئنا ويذهلنا بالتقدم تحت إشرافه وبتوجيهاته. ونحن شعب ممتنون لكتبه التي كتبها ونشرها، فهي كنز حقيقي. وأما من أطمح إلى مقابلته؟ فهو ليس بيننا، لكنني كنت أتمنى أن أقابله، وهو ابن الهيثم، لأنه هو الذي اكتشف الكاميرا.
كيف ترين دور المرأة الإماراتية بين الماضي والحاضر؟
في السابق كانت المرأة تهتم بالبيت عندما كان الرجل يذهب لتوفير لقمة العيش، فكانت تصنع بيوت الشعر والخيام، وكانت تربي أبناءها وتعلمهم الأخلاق الحميدة، وتغرس فيهم المبادئ القيمة، وكانت هي المعلمة التي تعلم أبناءها، وتدرسهم القرآن واللغة، وأساسيات التعامل مع الغير. وكانت المرأة في الماضي تعمل وتقف جنبا إلى جنب مع الرجل لمساعدته في التغلب على الظروف الصعبة، أما في وقتنا الحاضر، فدور المرأة بارز في جميع المجالات المهنية والمجتمعية، فاليوم المرأة هي الأم، وهي المعلمة، وهي الطبيبة، وهي المهندسة، ولا ننسى حكومتنا الرشيدة ودعمها للمرأة، لأن المرأة هي عمود المجتمع.
بِمَ تنصحين الفتيات العربيات الباحثات عن النجاح في مجال الفنون والإبداع؟
أنصحهن بالتركيز والمثابرة والإنتاج المستمر، وكذلك بأن يتبعن شغفهن، ويطورنه.
كيف تنقلين المعنى الحقيقي للجمال إلى من حولك؟
ينبع المعنى الحقيقي للجمال من داخل الشخص بروحه المعطاء، فمن الجمال الداخلي ينبع الجمال الخارجي، وأترجمه من خلال طريقة معاملة المرأة وطريقة لبسها.
في ظل انشغالك المستمر هل لديك وقت للتأمل؟ وبِمَ تفكرين عندما تكونين وحيدة؟ وهل تمارسين أي هواية؟
دائما أتامل، لأن التأمل يجعلني أعرف ما الخطوة القادمة التي سأتخذها، فالتأمل دائما يكون مع شروق الشمس، أتأمل فيما سأنتجه في يومي، ومن خلال التأمل أستمد الطاقة الإيجابية، وأفضل التأمل عندما أسافر، ففي السفر يكون الذهن صافيا.
أخيرا ما أمنياتك وأولوياتك في الأيام المقبلة؟
أن يكون العالم أجمعه في أتم الصحة والعافية.
التعليقات مغلقة.